آن الأوان لوجود جمعية مكتبات حقيقية في مصر / بقلم محمود خليفة
آن الأوان لوجود جمعية مكتبات حقيقية في مصر
محمود خليفة
ماجستير، علوم المعلومات، جامعة القاهرة
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
ينظر العالم لمصر على أنها دولة محورية وذات ثقل كبير، ذك على الرغم من تردي الأوضاع في مصر خلال الأعوام الماضية، وكذلك الحال في مجتمع المكتبات الدولي، حيث تنظر المؤسسات الدولية لمصر نظرة خاصة، إلا أنها تصاب بالاحباط من الغياب الدولي لمصر في مجتمع المكتبات العالمي، وهو الامر الذي قد يدفع البعض للتعامل مع أفراد بدلا من التعامل مع مؤسسات مصرية تشارك في النشاط الدولي لمجتمع المكتبات، وهو الدور الذي تقوم به في دول العالم المتحضر المكتبة الوطنية أو جمعية المكتبات الوطنية داخل الدولة.
كان لي الحظ على مدار العامين الماضيين أن أزور مقر منظمة الإفلا الغنية عن التعريف في مناسبتين مختلفتين، كما حضرت مؤتمرين من مؤتمراتها السنوية خلال السنوات الثلاث الماضية. وفي كل زيارة أجدهم يسألون عن جمعية المكتبات في مصر، ويعبرون بكل أسف عن احباطهم من غياب دور جمعية المكتبات عن المشاركة في أنشطة وفعاليات الإفلا، بل أجدهم يتتوقون إلى التعاون مع جمعية المكتبات في مصر، وعلى استعداد كبير للتعاون مع جهات مصرية لتنمية مجتمع المكتبات في مصر، وفي كل مناقشة أشارك فيها أحاول أن أكون دبلوماسياً في الحديث عن أوضاع الجمعية المصرية للمكتبات.
في مارس 2011 حصلت على دورة تدريبية من منظمة الإفلا أصبحت بموجبها مدرب معتمد في برنامج إدارة وتطوير جمعيات ومنظمات المكتبات، وكان من ضمن فعاليات ورشة العمل تدريبات عملية لتطبيق بعض موضوعات الدورة على جمعية المكتبات في بلد كل من المشاركين. فعلى سبيل المثال يطلب عرض للاتفاقيات الشراكة التي عقدتها جمعية المكتبات في دولتك، أو مناقشة الخطة الاستراتيجية للجمعية خلال 5 سنوات قادمة. بالطبع لم أكن أجد إجابة على كل التدريبات المطلوبة، وحاولت كثيرا تجميل الصورة قدر الامكان، إلا أنني أجدها في النهاية صورة ممزقة ومشوهة المعالم.
كانت تلك مقدمة لسؤال جوهري؛ هل لدينا في مصر جمعية للمكتبات؟ هل تنظيم الجمعية المصرية للمكتبات والمعلومات "لمؤتمر" سنوي يعني أنها تقوم بالدور المفترض أن تقوم به جمعيات المكتبات في دول العالم؟
لا يمكن بأي حال أن ننكر أن الجمعية المصرية للمكتبات والمعلومات عاشت فترات ذهبية في نهاية التسعينيات، ولعبت الجمعية في هذا الوقت دوراً كبيراً في لم شمل المتخصصين، وتسابق الجميع على الالتحاق بعضوية الجمعية، وأصبح لدينا في مصر ولأول مرة مؤتمر سنوي ثابت، وهى أمور ونجاحات لا ينكرها أحد، وكان للجمعية نشاط كبير جداً ويشارك فيه مجموعة من شباب المتخصصين في ذلك الوقت بشكل تطوعي وبحب للجمعية وللتخصص. إلا أن ما كان يعد نجاحاً في نهاية التسعينيات قد يكون فشلاً في العقد الاول من الألفية الجديدة !! عندما ينظم مؤتمر سنوي ثابت سنة 1997 فهذا انجاز كبير حيث لا يوجد مؤتمرات كثيرة في ذلك الوقت، ولكن أن يظل المؤتمر هو النشاط الوحيد للجمعية حتى عام 2011 فهذا قمة الفشل.
أنطفأ توهج الجمعية بعد فترة ذهبية، وبدأت في الانحدار، حيث توقفت الدورية العلمية التي تصدرها الجمعية وتنشرها دار الشروق، ولم تستطع الجمعية نشر الدورية مرة أخرى، واقتصر نشاط الجمعية على مؤتمر سنوي ليس له أي قيمة علمية.
فشلت الجمعية في إدارة ملف النقابة سواء قبل الثورة أو بعدها، بعدما استطاعت حركة 7 مارس في الكشف عن جهود الجمعية في ملف النقابة، لا يمكن أن نصف ما قامت به الجمعية سوى أنه فشل ذريع، حيث قدمت الجمعية مشروع قانون النقابة إلى مجلس الشعب في سنة 2001 وعرض على لجنة واحدة وهى لجنة المقترحات والشكاوى التي تتلقى أي قانون جديد، اللجنة وافقت على القانون شكلاً، وأوصت بعرضه على عدد آخر من اللجان، وهنا مات المشروع ولم تستكمل الاجراءات بدون اسباب معروفة.
بعد الثورة، أحيت الجمعية المشروع بعدما شعرت بحراك كبير في التخصص بشأن ملف النقابة، حيث تقدمت الى وزارة القوى العاملة وتم الموافقة على انشاء النقابة، قبل أن تفيق الجمعية وتتذكر أننا نحتاج إلى نقابة مهنية وليس عمالية!!
أما أكثر الأفعال إثارة، هو أن المسؤولين بالجمعية خرجوا علينا بأن النظام السابق وسوزان مبارك تحديداً كانت تمانع وتعرقل إنشاء النقابة، في حين أنهم نفس المسؤولين الذين خرجوا علينا أيضاً في سنة 2010 يبررون لنا أهمية أن يعقد المؤتمر السنوى حول سوزان مبارك!! فإذا كانت الجمعية تعرف أن سوزان مبارك هى من تقف في سبيل إنشاء النقابة، فلماذا هرولت الجمعية ورائها وتنظيم مؤتمر حولها؟ ولماذا تدخلت كي تحصل على جائزة من الاتحاد العربي للمكتبات إجبارياً؟؟
لا أنسى ولا ينسى زملائي لماذا أُغلق منتدى قسم المكتبات بجامعة القاهرة سنة 2006، حيث نشرت في هذا الوقت تعليقاً ساخراً حول النقابة كان مفاده أن الدولة لن تسمح بظهور نقابات جديدة، قامت الدنيا ولم تقعد بسبب هذا التعليق وكانت النتيجة هى إغلاق المنتدى. في عام 2011 وبعد 6 سنوات يخرج المسؤولين علينا بنفس الكلام الذي قاله كاتب تلك السطور في 2006!!
رسمياً ووفقاً للقانون المصري، فإننا لدينا جمعية أهلية في مجال المكتبات، ولكن واقعياً ليس لدينا شيئ. تدور بذهني تساؤلات كثيرة تثبت اجاباتها أننا في مصر لا نملك جمعية للمكتبات.
-
أين اللجان العاملة في الجمعية ؟ والتي هى قلب العمل بها، والتي هى أهم من مجلس الادارة! أين اللجان التي تغطي موضوعات التخصص المختلفة وأنواع المكتبات؟
-
أين المعايير والمواصفات الخاصة بالمكتبات في مصر والتي من المفترض أن تصدرها مؤسسات؟
- أين أدوات العمل في التخصص التي يجب أن تصدر عن مؤسسات وليس أفراد؟
بكل ما وهبني الله من شجاعة أقولها ولا أخاف أحداً؛ نحن بحاجة إلى مجلس إدارة جديد للجمعية المصرية للمكتبات، وعلى مجلس الإدارة الحالي احترام ما قدموه للجمعية وإتاحة الفرصة لمجموعة أخرى للقيادة الجمعية في الفترة القادمة. العمل العام هو عمل تطوعي أي بلا مقابل، وبالتالي لا يجب أن يظل أي شخص طوال عمره يعمل بلا مقابل؛ هذا هو أحد الدوافع التي أطالب بموجبها مجلس إدارة الجمعية بالانسحاب، والدعوة إلى انتخاب مجلس إدارة جديد لقيادة مسيرة الجمعية.
بعد الثورة المصرية؛ حدثت حالة حراك كبيرة في مجتمع المكتبات المصري، ولن يرضي شباب المتخصصين باستمرار الأوضاع المتردية للجمعية، فهناك مئات المتخصصين الذين لديهم من الحماس ما يكفي لتحقيق أعمال عظيمة في خدمة هذا التخصص، ولا استبعد أبداً اتخاذ إجراءات مضادة مثل سحب الثقة من مجلس الإدارة، أو الاتجاه نحو إنشاء جمعية جديدة تعبر عن مجتمع المكتبات المصري.